قالت سعادة الدكتورة هند بنت عبدالرحمن المفتاح المندوب الدائم لدولة قطر بجنيف، إن دولة قطر تمتلك سجلاً مميزاً في الوساطة وحل النزاعات الإقليمية يحظى بتقدير دولي.
و رأت المفتاح - في محاضرة قدمتها بجامعة حمد بن خليفة اليوم حول " الحكومة العالمية: ما الدور الذي تؤديه دولة قطر" - أن دولة قطر تعتبر قدوة في مختلف مجالات الحوكمة العالمية، ولا سيما في مجال التنمية المستدامة وحماية البيئة، والقوة الناعمة (الرياضة، الاعلام، مؤسسات ثقافية، الاستثمارات الخارجية، إلى غير ذلك)، وأنها تُعد، على سبيل المثال، من البلدان القليلة في العالم التي أحرزت تقدما كبيرا في تحقيق الاستقرار الاقتصادي المتنوع والأمن الغذائي كسلاسل الامداد والتوريد والحد من انبعاثات الكربون كما أطلقت عدة مبادرات لتعزيز الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة .
ودللت سعادتها على ذلك باعتماد أول نسخة كأس عالم محايدة الكربون في التاريخ، من خلال تركيب محطات لقياس جودة الهواء والانبعاثات الغازية في الملاعب وتنظيم آليات فرز النفايات والمخلفات، وعملت على تحقيق بطولة مستدامة من خلال تصميم وبناء ملاعب بمعايير صديقة للبيئة، مثل الاعتماد على الطاقة المتجددة وترشيد استهلاك المياه وإدارة النفايات بشكل مستدام مما مكنها من تقديم أنموذج ودرس بالغ بأن الدول الصغيرة والمتوسطة قادرة على التميز في استضافة مناسبات عالمية كبرى، مثل بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022.
وأكدت سعادتها أن اقتصاد دولة قطر القوي والمدفوع باحتياطاتها الهائلة من الغاز الطبيعي، يوفر لها قدرا كبيرا من الموارد المالية التي يمكن لها استخدامها لدعم مبادرات الحوكمة العالمية، كما يمكن الدولة من الاضطلاع بدور رئيسي في سوق الطاقة العالمي كواحد من أكبر منتجي الغاز الطبيعي في العالم. وشددت على ضرورة تبيان جهود قطر للمساهمة في حل أزمة الطاقة التي تمر بها أوروبا منذ بدء الأزمة الروسية الأوكرانية، وأن ذلك يأتي نتيجة لدورها الريادي في إنتاج الغاز الطبيعي المسال وتصديره عبر العالم.
وأشارت المندوب الدائم لدولة قطر في جنيف إلى مشاركة دولة قطر في مختلف مفاوضات السلام ومبادرات حل النزاعات، مثل ابرام هدنة في اليمن 2008-2010، واستضافة الحوار الوطني اللبناني، ورعاية مفاوضات دارفور وتوقيع وثيقة الدوحة للسلام في الإقليم السوداني ، واستضافة المحادثات بين الولايات المتحدة الأمريكية وطالبان الأفغانية والتي اختُتمت بتوقيع الطرفين على اتفاق السلام، ورعاية المفاوضات بين الأطراف التشادية التي تُوجت بتوقيع اتفاقية الدوحة للسلام ومشاركة الحركات السياسية العسكرية في الحوار الوطني الشامل السيادي في تشاد ، ومساعدة الصومال وكينيا على استئناف علاقاتهما الدبلوماسية.
وأكدت المفتاح على قدرة قطر، من خلال الاستفادة من خبرتها في هذه المجالات ومن خلال تحالفاتها الثنائية القوية ومتعددة الأطراف، على أن تساعد على دفع استدامة الأمن والسلام والاستقرار في المناطق المتضررة من الصراع ودعم الجهود الدولية والأممية المبذولة في هذا المجال.
وسلطت سعادتها الضوء على دور دولة قطر في التصدي للازمات الدولية الطارئة بما في ذلك الدور الكبير الذي لعبته في التصدي لجائحة كوفيد -19 ، ودورها في تخفيف الآثار المترتبة عليها بتقديم مختلف أنواع المساعدات الدولية التي استفادت منها أكثر من 80 دولة في العالم، ومساندتها للجهود المتعلقة بالوصول العادل والمتكافئ للقاحات للجميع بصورة ميسرة وعادلة دون أي تمييز، بحيث قدمت الدعم للتحالف العالمي للقاحات والتحصين (غافي) وآلية (كوفاكس)، كما دعمت منظمة الصحة العالمية، والمبادرة الإنسانية لتوفير اللقاحات للفئات الأكثر ضعفاً لاسيما اللاجئين، والنازحين والمهاجرين.
وأشارت سعادتها إلى الأهمية الكبيرة التي توليها دولة قطر، في إطار علاقاتها الدولية، لتعزيز التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف والعمل مع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية . وأوضحت أن ذلك يتجلى في تمتعها بعضوية أكثر من 328 منظمة وهيئة عربية وإقليمية ودولية تعمل في مختلف المجالات.
وأشارت إلى أن رؤية قطر الوطنية 2030 أكدت على حرص الدولة على المشاركة بفاعلية في مجال التعاون الدولي، والمساهمة في صنع السلم والأمن الدوليين عن طريق تبني ودعم المبادرات السياسية، وتقديم المساعدات التنموية والإنسانية. وأنها تنظم في هذا الصدد سنوياً "منتدى الدوحة"، و"مؤتمر حوار الأديان"، كما تستضيف بشكل مستمر مؤتمرات دولية متخصصة لمناقشة القضايا والتحديات الراهنة بغرض معالجتها وإيجاد الحلول المناسبة لها.
وفي حديثها عن التمثيل والتعاون الدولي، أشارت المفتاح إلى زيادة مشاركة قطر مع المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والهيئات المختلفة، وكذلك المشاركة في بعثات حفظ السلام والبعثات الإنسانية، إضافة الى تعزيز التعاون على المستوى الإقليمي والدولي وتعزيز المؤسسات والأطر العالمية والإقليمية، مثل صندوق النقد الدولي. ولفتت سعادتها إلى أن قطر برزت، في إطار جهودها الدبلوماسية، في مقدمة المتضامنين في تخفيف حدة كارثة الزلزال في تركيا وسوريا من خلال التنسيق مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية وكذا اللجنة الدولية للصليب الأحمر، كما أنها لم تدخر جهدا في تأمين رحلات جوية لنقل الأفغان واللاجئين من أفغانستان إلى بلدان آمنة حول العالم، بالتنسيق مع منظمات دولية وحكومات، مع تأكيد التزامها بالعمل مع المجتمع الدولي لتقديم الدعم الإنساني والمساعدات اللازمة للاجئين.
من جهة أخرى، أكدت سعادتها أن افتتاح "بيت الأمم المتحدة" بالدوحة مؤخراً يعد خطوة مهمة تعزز الشراكة القائمة بين دولة قطر ومنظمة الامم المتحدة ومكاتبها وصناديقها ووكالاتها المتخصصة، وأنه من المتوقع أن يسهم "بيت الأمم المتحدة بالدوحة" في تعزيز دور دولة قطر في خارطة السياسة الدولية لاسيما في مجال الدبلوماسية متعددة الأطراف، كما سيسهم في تمكين مكاتب المنظمة من الاضطلاع بولايتها وتنفيذ برامجها وأنشطتها، لاسيما تلك المعنية بالمنطقة، بفاعلية وكفاءة.