إن سلوك البحرين ومصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لا يسيء إلى دولة قطر فحسب، بل إنه يعبر أيضًا عن ازدراء لأجهزة الاتحاد البريدي العالمي

 في كلمة دولة قطر التي ألقاها سعادة السفير علي خلفان المنصوري، المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة في جنيف، أمام الجلسة العامة لمجلس إدارة الاتحاد البريدي العالمي أعرب سعادته في البداية عن خالص تقدير وشكر حكومة دولة قطر للجهد الذي يضطلع به الاتحاد في سبيل ترقية العمل البريدي العالمي وتعزيز التعاون البناء بين الدول الأعضاء في هذا الصدد.

وأشار سعادته مواصلة كل من البحرين ومصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لأكثر من عامين، تعليق جميع الخدمات البريدية مع دولة قطر، في انتهاك واضح لدستور الاتحاد البريدي العالمي وقوانينه التنفيذية، وذلك على الرغم من أن قرار مجلس الادارة المؤرخ 27 أكتوبر 2017 قد حثهم بشدة على استئناف العلاقات البريدية المباشرة مع دولة قطر، وهو ما ظلوا يتجاهلونه حتى اليوم. ونوه سعادة السفير إلى أن المادة 32 من دستور الاتحاد البريدي العالمي توفر سبل معالجة هذا السلوك المعوج عن طريق اللجوء للتحكيم الملزم، وهو ما طلبت دولة قطر الاحتكام إليه بتاريخ 20 سبتمبر 2018. إثر ذلك، عَيّنت دولة قطر السويد كمحكم لها، في حين عيُّنت قُبرص من قبل الدول الأربع. ورغم مرور أكثر من عام، فإن الدول الأربع لم تُبد أي تعاون حتى الآن مع دولة قطر أو المكتب الدولي في تشكيل هيئات التحكيم، لاسيما تعيين المحكم الثالث.

وأوضح سعادة المندوب الدائم أن المكتب الدولي للاتحاد البريدي العالمي طلب في البداية من هذه الدول إبداء آرائها بشأن مقترحات مقدمة من دولة قطر بخصوص المحكم الثالث في موعد أقصاه 28 فبراير 2019. لكنها لم تفعل. كما اقترح المكتب الدولي بتاريخ 28 يونيو 2019 قائمة بأسماء عددٍ من الخبراء لاختيار محكم ثالث من بينهم، مُلتمساً من الأطراف تقديم آرائهم حول الموضوع بحلول 15 يوليو 2019. وقد أبدتْ قطر رأيها ضمن الإطار الزمني المقترح، بينما تقاعست الدول الاربع عن إبداء رأيها في هذا الشأن، ضاربة عرض الحائط، مرة أخرى، بطلب المكتب الدولي.

وذكّر سعادة السفير أنه بناءً على طلب من الدول الأربع نفسها، اقترح المكتب الدولي تنظيم اجتماعات في 19 و20 سبتمبر 2019 في مقر الاتحاد البريدي العالمي بين الممثلين القانونيين للأطراف لمناقشة مسألة تعيين المحكم الثالث. غير أنه، وللأسف حضر الاجتماع فقط ممثلو قطر بينما تغيب ممثلو الدول الأربع عن الحضور.

وأشار سعادته أنه في مثل هذه الأحوال، فإن المادة 153 (8) من اللائحة العامة للاتحاد البريدي العالمي تُخول المكتب الدولي صلاحية تعيين المحكم الثالث. ويؤيد مشروع القرار الذي سعت دولة قطر لإدراجه في جدول أعمال المجلس على وجه التحديد ممارسة هذه الصلاحية من قبل المكتب الدولي.

وتابع قائلاً:" قمنا منذ حوالي عام ببَذل قصارى جهدنا بالعمل مع المكتب الدولي للتوصل إلى اتفاق متبادل مع الدول الأربع بشأن تعيين رؤساء هيئات التحكيم. والواقع أن السبب وراء سعينا لإدراج هذا البند في جدول أعمال المجلس مع اقتراب بداية دورته هو رغبتنا في مراعاة المساعي الحميدة للمكتب الدولي إلى أقصى حد ممكن. وللسبب نفسه، قررنا سحب البند الذي اقترحنا ادراجه في جدول الأعمال. ولا يفوتني في هذا المقام أن أتقدم بجزيل الشكر والامتنان للدول الاعضاء في هذا المجلس والتي تفهمت مقترحنا لإدراج هذا البند وعبرت عن استعدادها لدعمنا في هذا المسعى."

وفي خطوة مهمة من المكتب الدولي، يضيف سعادته: "أشير الى أننا تلقينا بتاريخ 22 أكتوبر 2019م مذكرة مكتوبة من المدير العام تُقر باستمرار عدم تعاون الدول الأربع، وتطلب أيضًا، وأقتبس من المذكرة، "أن تقوم دولة قطر والدول الأربع، كفرصة أخيرة، بتقديم أفضلياتها بشأن القائمة المقترحة من قبل المكتب الدولي بخصوص المحكم الثالث، والتي عممها المكتب في البداية في بتاريخ 28 يونيو 2019 كما أشرت سابقاً."

وقال سعادة السفير أنه تمشياَ مع جهود دولة قطر الصادقة لإنشاء هيئات التحكيم، لا يَسعها إلا أن تُوافق على طلب المكتب الدولي وأنها سترسل مرة أخرى اختيارها من بين الخبراء الذين اقترحهم المكتب الدولي للعمل كمحكم ثالث، ونشاطر بجلاء، في الوقت نفسه، رأي المكتب الدولي بأن هذه هي "الفرصة الأخيرة" فعلاً، وفي حال لم تَغْتنِمها الدول الأربع، فإن دولة قطر تدرك أن المكتب الدولي سيتخذ الإجراء اللازم، بما في ذلك بموجب المادة 153 (8) من اللائحة العامة للاتحاد البريدي العالمي."

السيدات والسادة،

وفي ختام كلمته، قال سعادة السفير علي خلفان المنصوري: "يحدونا صادق الأمل، ونحن نُخلد يوم الأمم المتحدة الذي يصادف الذكرى السنوية لدخول ميثاق الأمم المتحدة حيز النفاذ في عام 1945، أن تمضي إجراءات التحكيم قُدما كنتيجة للمبادرة الأخيرة للمكتب الدولي. إن سلوك البحرين ومصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لا يسيء إلى دولة قطر فحسب، بل إنه يعبر أيضًا عن ازدراء لأجهزة الاتحاد البريدي العالمي، التي تَمّ تجاهُل مساعيها الحميدة لحل هذا النزاع. كما يعتبر هذا السلوك في نهاية المطاف، تقويض لفكرة حل المنازعات بالوسائل السلمية بموجب القانون الدولي وفي إطار الاتحاد البريدي العالمي، الأمر الذي يهدد، إذا لم يتم تداركه، شرعية وجدوى الاتحاد البريدي العالمي."