اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في جنيف تستعرض التقرير الأولي لدولة قطر

استعرضت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في جنيف التقرير الأوليّ لدولة قطر المقدم بموجب المادة 40 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

وشاركت دولة قطر في جلسة الاستعراض بوفد ترأسه سعادة الدكتور أحمد بن حسن الحمادي، الأمين العام لوزارة الخارجية، وممثلين عن الجهات الحكومية المعنية بالدولة.

وقال سعادة الأمين العام بوزارة الخارجية في بيان استهلالي أمام اللجنة إن تقرير دولة قطر، الذي شارك فيه عدد من الجهات الوطنية الحكومية ذات الصلة، تم إعداده في ظروف استثنائية تمثلت في التحديات التي يواجها العالم بأسره والمتمثلة في انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) مشيراً إلى أن الدولة حرصت على تقديمه في وقته المحدد، كما حرصت على حضور المناقشة أمام اللجنة استشعاراً منها بأهمية العمل الذي تضطلع به في دعم جهود الدول الاعضاء على الوفاء بالتزاماتها الواردة في هذا العهد.

 ونوه إلى أن دولة قطر حظيت بتصنيف متقدم بنسبة 100% للدول التي تقدم تقاريرها للآليات الدولية وفقاً للمؤشرات الإحصائية الصادرة من مكتب المفوضية السامية لحقوق الانسان.

وأوضح أن دولة قطر شهدت خلال الفترة الممتدة منذ انضمامها للعهد في عام 2018 تطورات واسعة النطاق على المستويين التشريعي والمؤسسي وعلى مستوى السياسات والاستراتيجيات الهادفة إلى تعزيز وتقوية البنية التحتية لحقوق الإنسان.

 وتطرق سعادته إلى أبرز التطورات مشيراً إلى أن دولة قطر اعتمدت بشأن حماية حقوق العمالة الوافدة، سلسلة من الإصلاحات التشريعية والمؤسسية الرائدة في المنطقة أدت إلى إلغاء نظام الكفالة وتحسين ظروف العمل والعيش اللائق لجميع العمال وخلق بيئة عمل آمنة ومتوازنة، وذلك بما يتوافق مع معايير العمل الدولية، مضيفاً أن جهود دولة قطر في هذا الشأن ما زالت متواصلة، وبين أن خطة العمل الوطنية لحقوق الإنسان سيتم تدشينها قريباً، مشيراً إلى تعديل قرار إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة الإتجار بالبشر بقرار مجلس الوزراء رقم (4) لسنة 2021 الذي أعطى صلاحيات وحضور لجهات إنفاذ القانون المختصة بمكافحة الإتجار بالبشر في مراكز الشرطة والنيابة والقضاء، لافتاً إلى أنه قد تم تخصيص إدارة لمكافحة الاتجار بالبشر في وزارة الداخلية ضمن اختصاص البحث الجنائي، وتعزيز نظام حماية ضحايا الاتجار بالبشر وتقديم المساعدة لهم من خلال توفير أماكن مناسبة لإيوائهم.

وأضاف: في مجال تعزيز وحماية حقوق المرأة، اعتمدت الدولة عدداً من التدابير نذكر منها، على سبيل المثال، توفير المساعدة المجانية القانونية والتأهيل النفسي وتوفير المأوى للنساء ضحايا العنف، وتوفير المساعدات الاجتماعية والرواتب للنساء المطلقات والأرامل. كما تم إنشاء اللجنة الوطنية المعنية بشؤون المرأة والطفل وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة وفقاً لقرار مجلس الوزراء رقم (26) لسنة 2019.

وتابع: صدرت خلال عام 2018 عدد من القوانين المهمة نذكر منها القانون رقم (10) بشأن الإقامة الدائمة، والقانون رقم (11) بتنظيم اللجوء السياسي، والقانون رقم (13) بشأن إلغاء مأذونية الخروج للعمال الوافدين، والقانون رقم (16) بشأن تنظيم تملك غير القطريين للعقارات والانتفاع بها، والقانون رقم (17) بشأن إنشاء صندوق دعم وتأمين العمالة الوافدة.

وأوضح أن الفترة من أكتوبر 2018 إلى أبريل 2019 شهدت تنظيم حملة وطنية حول الحق في التعليم وذلك في إطار حملة منظمة اليونسكو العالمية لتعزيز وحماية الحق في التعليم.

وأشار سعادته إلى تنظيم أول انتخابات لمجلس الشورى في دولة قطر بتاريخ 2 أكتوبر 2021، بمشاركة بلغت 63.5%، معتبراً أن تنظيم هذه الانتخابات في إطار السياسة الطموحة التي تنتهجها الدولة لتطوير آلياتها التشريعية من خلال توسيع نطاق المشاركة الشعبية بشكل يعكس قيم الدستور القطري ورؤية قطر الوطنية 2030.

ونوه إلى أنه بموجب القرار الأميري رقم (4) لسنة 2021 تم إنشاء عدد من الوزارات، حيث تم استحداث وزارة مستقلة للتنمية الاجتماعية والأسرة، تختص بدعم الأسرة والتنمية الاجتماعية وتوعية المجتمع بأهمية حماية الأسرة والترابط الأسري، كما أنشئت وزارة مستقلة للعمل من ضمن اختصاصاتها دعم ورعاية العمال وحماية حقوقهم، فضلاً عن إنشاء وزارة جديدة للبيئة والتغير المناخي بغرض ترسيخ الحق في البيئة النظيفة عن طريق حماية البيئة والحد من الانبعاثات المسببة للتغير المناخي.

وتابع: تم إضافة مسمى "التربية" لوزارة التعليم والتعليم العالي في نفس القرار الأميري السابق. بحيث يصبح مسماها وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، إيماناً بمتلازمة التربية مع التعليم في غرس القيم الصالحة للأجيال القادمة.

وأكد سعادة الأمين العام أن دولة قطر  حرصت ، رغم الظروف الاستثنائية التي صاحبت انتشار وباء كوفيد-19، على اعتماد إجراءات وسياسات تعمل على ضمان استمرار التمتع بالحقوق الواردة في العهد، ووضعت حقوق الانسان في صميم التدابير التي اتخذتها لتقليل التأثير الناجم عن هذا الوباء والحد من انتشاره ، مشيراً إلى أن دولة قطر حرصت منذ بداية انتشار الجائحة على تقديم كافة خدمات الرعاية الطبية لجميع الأفراد المقيمين على أرضها دون تمييز إلا بسبب السن أو الظروف الصحية، وذلك لضمان تمتع الجميع بالحق في الصحة والحفاظ على حقهم في الحياة.  كما تم بذل كافة الجهود اللازمة لضمان استمرار العملية التعليمية عن بعد، حيث تم توزيع الأجهزة الإلكترونية وأجهزة الاتصال للطلبة لضمان استمرار حصولهم على التعليم.

وأشار سعادة الدكتور أحمد بن حسن الحمادي إلى أن دولة قطر عملت على ضمان الحق في التقاضي باعتباره حقاً دستورياً لا يجوز حرمان أي شخص منه، مضيفاً إلى أن دولة قطر قامت منذُ بدء انتشار الجائحة بضمان هذا الحق عن طريق تطوير البنية التحتية والأنظمة الالكترونية التي سمحت بالتقاضي في المحاكم عن بعد.

ونوه سعادته إلى ان دولة قطر بفضل جهودها الحثيثة للارتقاء بأوضاع حقوق الانسان، والتنفيذ المضطرد لرؤيتها الوطنية للتنمية2030، واستراتيجياتها القطاعية الشاملة، خطت خطوات مهمة في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة وحافظت، خلال الفترة المشمولة بالتقرير، على موقعها الريادي المتقدم في عدد من المؤشرات الدولية في مجالات حيوية ومهمة كمؤشر التعليم الجيد، ومؤشر الامن والأمان، والسلام العالمي، وانخفاض مستوى الجريمة، كما سجلت أعلى مستوى لمشاركة المرأة في القوى العاملة بالمنطقة.  

وأشار إلى أن تقديم تقرير دولة قطر يأتي في الوقت الذي تستعد فيه الدولة لاحتضان الحدث الرياضي العالمي الأبرز وهو كأس العالم لكرة القدم، وأنها قامت بضمان أعلى معايير الأمن والسلامة للعاملين في مشاريع البنية التحتية وبناء الملاعب والمشاريع المرتبطة بهذا الحدث العالمي. موضحا ً أن الدولة تقوم عن طريق لجنة المشاريع والإرث بضمان تطبيق وحماية المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان لجميع العاملين في هذه المشاريع، وتنظر لاستضافة هذا الحدث الكبير كفرصة قيمة لتعزيز قيم المساواة والتضامن والاحترام المتبادل.

وأشار سعادة الأمين العام إلى أن دولة قطر تعتبر عملية النظر في التقارير من قبل اللجان التعاقدية فرصة ثمينة للتقييم والتحليل السليم لأوضاع الدولة من أجل تحسين ممارساتها الداخلية في مجال حقوق الإنسان بصورة مستمرة.  منوهاً إلى أن دولة قطر بذلت جهوداً مقدرة عقب النظر في تقاريرها السابقة أمام لجان أخرى لمعالجة أغلب المسائل التي تم تقديم ملاحظات وتوصيات بشأنها مما أدى إلى جملة من الفوائد الفعلية على تطوير حقوق الإنسان في البلاد.

 ولخص سعادته بعض هذه المردودات الايجابية في زيادة الوعي لدى موظفي الدولة بمبادئ ومعايير حقوق الانسان، والمساعدة في إنشاء وتقوية المؤسسات الوطنية العاملة في مجال حقوق الإنسان، فضلاً عن زيادة وتيرة الإصلاحات التشريعية المستمرة ومراجعة السياسات المتعلقة بحقوق الإنسان.

وفي ختام الاستعراض الأول لتقرير دولة قطر، أشار سعادة الأمين العام إلى أن الاستعراض اتسم بالمهنية والموضوعية وتناول العديد من الجوانب المهمة المتعلقة بتبادل وجهات النظر حول كيفية تنفيذ نصوص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، مؤكداً حرص وفد دولة قطر على توضيح التدابير التي اتخذتها الدولة في هذا الصدد، واستماعه لوجهات نظر خبراء اللجنة حول المسائل التي تحظى باهتمامهم.

كما أكد سعادته للجنة أن دولة قطر ستضع في عين الاعتبار الملاحظات والتوصيات الختامية لعملية الاستعراض، وأن هذه الملاحظات ستكون محور اهتمام السلطات المختصة لدى صياغة السياسات والاستراتيجيات الوطنية في جميع المجالات، لاسيما وأن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية يعتبر وثيقة شاملة لطائفة كبيرة من الحقوق والحريات ويتناول جوانب عديدة ومهمة في منظومة مبادئ ومعايير حقوق الانسان.

وحثّ سعادة الأمين العام خبراء اللجنة في هذا الصدد على الاستفادة من المعرفة التي يكتسبونها من خلال الوقوف على تجارب الدول واختلاف خصوصياتها وأنظمتها القانونية، وعكس ذلك في جهودهم المعنية بصياغة التعليقات العامة التي ترشد الدول الأعضاء على فهم وتفسير نصوص العهد، وذلك بما يؤكد أن مبدأ عالمية حقوق الإنسان يكمن في إمكانية تعزيز وحماية حقوق الإنسان من خلال تطبيق العديد من النماذج الإيجابية.