أكدت دولة قطر على الدور الهام الذي تضطلع به الأسرة، بوصفها الوحدة الأساسية التي يقوم عليها المجتمع، في دعم تعزيز وحماية حقوق أفرادها، وباعتبارها البيئة الطبيعية لنمو الأطفال ورفاههم. وشددت على أهمية دور الأسرة في تمتع الأطفال بالمزايا الرقمية وحمايتهم من أضرارها.
جاء ذلك في مداخلة سعادة الدكتورة هند بنت عبدالرحمن المفتاح، المنـــدوب الدائــــم لدولة قطر لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف ، خلال حدث جانبي حول: "الأسرة وحماية حقوق الطفل في البيئة الرقمية" الذي نظمته بعثة مجلس التعاون لدول الخليج العربية بجنيف، والبعثات الدائمة لكل من دولة قطر، والمملكة العربية السعودية ، وجمهورية مصر العربية ، والجمهورية الإسلامية الموريتانية ، وجمهورية بنغلاديش، وبيلاروس، وجمهورية الصين الشعبية، بالتعاون مع معهد الدوحة الدولي للأسرة، وذلك على هامش الدورة الثانية والخمسين لمجلس حقوق الإنسان بجنيف.
وفي كلمتها الافتتاحية للحدث، أشارت سعادة المندوب الدائم إلى تأكيد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيره من صكوك حقوق الإنسان، على الدور المحوري والحيوي للأسرة ودعوتهم للمجتمع والدولة إلى حمايتها، مشددة على أهمية دور الأسرة في تمتع الأطفال بالمزايا الرقمية وحمايتهم من أضرارها، باعتبار أن "البيئة الرقمية أصبحت تمثل اليوم حقيقة ماثلة في حياتنا، بغض النظر عن العمر، ومكان العيش، أو اللغة التي نتحدث بها".
ونوهت سعادتها إلى أنه أصبح لدينا اليوم جيل من الأطفال يمكنهم التنقل بسهولة في العالم الرقمي قبل أن يتمكنوا حتى من التحدث أو المشي بشكل صحيح، بحيث أن عمر واحد من كل ثلاثة مستخدمين للإنترنت يقل عن 18 عامًا، وأن الأطفال يعتمدون الآن على الأدوات والخدمات الرقمية للتعلم والترفيه والتواصل مع العالم من حولهم.
ولفتت سعادتها، من ناحية أخرى، إلا أن الإنترنت يزيد من تعرض الأطفال للمخاطر والأضرار، مما قد يؤثر على حياتهم على المدى القصير والطويل، "وبالتالي، لا يمكن الادعاء بأن البيئة الرقمية مفيدة بشكل تام أو مضرة تمامًا"، كما قالت.
وتابعت سعادة المندوب الدائم بأن إيجاد التوازن الضروري بين مزايا الإنترنت ومساوئها، يقتضي اعتماد نهج متعدد الأبعاد يضع مصلحة الطفل الفضلى في صدارة الأولويات من حيث السياسات والاستراتيجيات المتصلة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وأن على الحكومات وشركات التكنولوجيا والأُسر أن تضطلع جميعها بأدوار فعالة من أجل ضمان بيئة رقمية آمنة وتمكينية للأطفال.
كما ذكّرت سعادتها الجميع، بمناسبة الاحتفال هذا العام بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذكرى السنوية الثلاثين لإعلان وبرنامج عمل فيينا، بالحاجة إلى إعادة تأكيد المبادئ المكرسة في هذه الوثائق البارزة، ولا سيما تلك المتعلقة بـ «حماية الأسرة» والحفاظ على «البيئة الأسرية» حتى تظل صكوكا حية تلبي احتياجات عصرنا اليوم.
من جانبها أشارت الدكتورة شريفة نعمان العمادي المدير التنفيذي لمعهد الدوحة الدولي للأسرة ، إلى مسألة «الإدمان الرقمي في قطر»، مشددة على عدم لوم المراهقين بمفردهم نظرا لأن أولياء أمورهم، الذي يعتبرون نماذج يحتذى بها، يفرطون أيضا في استخدام هواتفهم المحمولة بدلاً من قضاء الوقت مع أبنائهم.
وحثت الدكتورة العمادي مراكز الأبحاث والمنظمات غير الحكومية على العمل عن كثب مع أصحاب المصلحة المعنيين والمجتمع ككل لإعادة تشكيل تصور الوالدين كنماذج يحتذى بها وتمكينهم بواسطة أدوات ومهارات من مشاركة أطفالهم على نحو أفضل، والاستفادة من إيجابيات الحياة الرقمية وتجنب أضرارها المحتملة. وأوضحت أن ذلك يتأتى من خلال توفير برامج تثقيف للآباء تستند إلى الأدلة وجعلها إلزامية، إن أمكن، لدعم الأجيال الجديدة بشكل أفضل. كما أشارت إلى أهمية العمل جنبًا إلى جنب مع الحكومات وشركات التكنولوجيا الرقمية لتوفير منصات آمنة للأطفال وتطبيقات مناسبة للآباء وأدوات لمراقبة استخدامهم للأجهزة الرقمية.
و تمحورت المداخلات حول الدور الهام للأسرة في توفير بيئة طبيعية لنمو أفرادها، وهو ما يستدعي دعمها لكي تتمكن من الاضطلاع بمسؤولياتها داخل المجتمع على أكمل وجه.
وأكد المتحدثون على امتيازات التكنولوجيا الرقمية في مجالات متعددة خاصة منها التعليم، لكنهم أبدوا تخوفهم من المخاطر التي تنجم عهنا أحيانا لاسيما بالنسبة للأطفال، وهو ما يتطلب رفع الوعي لديهم بهذه المخاطر وبضرورة التواصل المستمر بين الأطفال وأوليائهم تحسبا لأي أضرار محتملة والتي قد تكون لها عواقب صحية ونفسية طويلة المدى، ومن شأنها أن تقوض الحياة الاجتماعية للضحايا.
وتمت الإشارة إلى أن هناك مسؤولية مشتركة بين الجميع باعتبار أن حماية الطفل والأسرة هي حماية المجتمع في نهاية المطاف، وأكدوا أيضاً على أهمية دور الدولة في توفير بيئة رقمية آمنة ومواتية للأطفال.