أكد معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، أن القضية الفلسطينية قضية مركزية بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، وللعالم ككل.
وقال معاليه، خلال جلسة حوارية في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، اليوم، إن رد فعل المجتمع الدولي بشأن الحرب في قطاع غزة "كان بكل أسف مخيبا للآمال للغاية بالنسبة للمنطقة ولشعوب المنطقة".. مضيفا أنه لا يمكن تجاهل الصورة الأكبر، وهناك حاجة إلى إيجاد حل فوري وبحث سبل إنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن، وبحث سبل الإفراج عن الرهائن والإفراج كذلك عن الأسرى الفلسطينيين.
وأضاف: "نرى للمرة الأولى في التاريخ الحديث أنه حتى الدعوة لوقف إطلاق النار أصبحت مصطلحا مثيرا للجدل في وضع مثل هذا، وأعتقد الآن أنه أصبح هناك سبيل واحد فعال وهو المتعلق بالرهائن.. وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن، وهذا يواجه الكثير من الصعوبات".
وتابع معاليه: "نحن بحاجة لمعالجة المشكلة في الضفة الغربية أيضا، ربما الإعلام لا ينقل الكثير مما يحدث هناك.. ما يحدث في الضفة الغربية ليس أفضل مما يحدث في قطاع غزة.. صحيح أنه ليس قصفا شاملا، ولكننا نرى القتل وعنف المستوطنين، والحكومة المتطرفة تدعو إلى الإبادة العرقية للشعب الفلسطيني، ولا نرى رد فعل حقيقي من المجتمع الدولي".
كما أكد معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أن الحاجة ماسة إلى معالجة مشكلة الانقسام الفلسطيني، والعمل كذلك على السعي لتطبيق مبدأ حل الدولتين، مشيرا إلى أنه "لا يمكن أن يكون لدينا حل الدولتين بدون إنهاء الانقسام الفلسطيني، كما أنه لا يمكن إيجاد حل الدولتين بدون وجود حكومة وساسة في إسرائيل يؤمنون بالتعايش المشترك جنبا إلى جنب في سلام، ولا يمكن أن يحدث كل ذلك بدون إنهاء الحرب".
وأعرب معاليه عن اعتقاده بأن تداعيات الحرب على قطاع غزة ستؤثر كثيرا على الأجيال القادمة، قائلا: "الأرقام التي نراها والصور التي نشاهدها لن يكون لها تأثير فقط على المدى القريب، بل سيكون لها تأثير أيضا على المدى القريب والمتوسط والبعيد، وتأثير المدى البعيد سيكون أكثر خطورة بالنسبة لنا جميعا.. فقط تخيل هؤلاء الأطفال والعائلات يشاهدون أقاربهم وأباءهم يتعرضون للقتل في عمليات القصف، أي نوع من الأجيال نتوقعه؟ أي نوع من الأجيال نتوقعه في منطقتنا أو حتى في أوروبا أو أي مكان آخر يشاهدون كل هذه الصور ويرون العالم يقف صامتا إزاء كل ذلك؟ هذا سيخلق فقط الغضب والمقت".
وبشأن إعادة إعمار غزة، قال معاليه إنه "بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في عام 2014 ومؤتمر إعادة الإعمار الذي تمت استضافته بالتشارك بين النرويج ومصر، تعهدت الكثير من الدول بتقديم مبالغ كبيرة لإعادة إعمار القطاع، لكن الأمر لم يتجاوز ذلك، بسبب أن أغلب تلك الدول لا تؤمن بإمكانية استدامة الوضع".
وأضاف معاليه: "وقد رأينا وعايشنا ذلك خلال تلك الفترة، ورأينا تصعيدات مختلفة تحدث في غزة من وقت لآخر، تقريبا كل عام، ربما على نطاق محدود، ولكن كان هناك الكثير من التصعيد والدمار".
وأشار معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إلى حجم الدمار الذي حدث في قطاع غزة، قائلا إن "هناك أكثر من 23 ألف شخص قتلوا، ثلثاهم تقريبا من النساء والأطفال.. لم تعد هناك غزة تقريبا، لا يوجد شيء هناك، فقط قصف شامل في كل مكان، وهذا يحتاج لإعادة إعمار مدينة كاملة مجددا بعد انتهاء ذلك".
وبشأن التصعيد في البحر الأحمر، وما إذا من الممكن أن يؤدي إلى توسيع نطاق الحرب في قطاع غزة إقليميا، قال معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، إن الأوضاع في العالم اليوم تأخذ منحنى صعبا، وإن دولة قطر حذرت سابقا من توسع نطاق الحرب وامتدادها في المنطقة، وأكدت أن تأثيرها لن يكون مقصورا فقط على قطاع غزة، ولكنه سيمتد لما هو أبعد من ذلك.
وأضاف معاليه: "لقد رأينا هذا التصعيد يحدث أولا في جنوب لبنان، ثم في سوريا والعراق، والآن في البحر الأحمر"، مبينا أن التصعيد في البحر الأحمر هو الأكثر خطورة الآن لأن تأثيره لا يقتصر على المنطقة فقط، بل إنه يؤثر على التجارة العالمية أيضا.
وقال معاليه: "بالطبع هذا أدى إلى تغيير نظرتنا للتجارة العالمية، ونظرتنا للشحن العالمي، كما غير أيضا مدى ترابطنا من الشرق إلى الغرب.. حين يحدث شيء في الشرق الأوسط فإنه يؤثر على الجميع".
وأعرب معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية عن القلق بشأن زيادة التصعيد في البحر الأحمر، واتساع نطاق الأزمة، قائلا إن دولة قطر تفضل دائما الدبلوماسية على الحلول العسكرية وتعتقد أنه لا يجب أن يتم التركيز فقط على هذه الصراعات الصغيرة، بل يجب التركيز على الصراع الرئيسي في قطاع غزة، لأنه بمجرد أن يتم حل هذا الصراع، فإن كل شيء آخر سيتم حله.. مضيفا: "لقد رأينا ذلك خلال الستة أو السبعة أيام من الهدنة التي كانت لدينا في غزة لإطلاق سراح الرهائن، لقد أغلقت ببساطة كل الجبهات الأخرى في نفس الوقت، وهذا يظهر مدى تأثير المشكلة المركزية".
كما أكد معاليه، من جهة أخرى، أن التأثير على حرية الملاحة مشكلة عالمية ويجب أن يتم احتواؤها، لكن الحل العسكري لن يؤدي إلى نهاية هذا، ولا إلى احتوائه، بل على العكس سيؤدي إلى زيادة التصعيد، وتفاقم الأمور أكثر.
وبشأن تأثير الهجمات في البحر الأحمر على صادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال، قال معاليه إن الغاز الطبيعي المسال، مثله مثل أي شحنات تجارية سيتأثر بذلك.. مضيفا: "هناك طرق تجارية بديلة، لكن هذه الطرق البديلة ليست أكثر كفاءة، بل هي أقل كفاءة من الطرق الحالية".
كما أكد معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، من جهة أخرى، أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية جيران، والتقارب بينهما ضرورة وليس رفاهية.
وقال: "أعتقد أن لدينا تفاهما مشتركا بين دول مجلس التعاون الخليجي أنه من المهم للغاية أن نركز على كيف يمكننا الانخراط مع إيران، وكيف يمكننا خلق أرضية أفضل من المصالح المشتركة والتفاهم المشترك بيننا والبناء على ذلك والتعامل مع خلافاتنا عبر الحوار ومعالجة المشاكل وجها لوجه، ونحن نعتقد أن هناك فرصة عظيمة وهذا الزخم مازال مستمرا بين دول مجلس التعاون، وقد رأينا ذلك عبر مختلف الاجتماعات".. مضيفا : "تخيل فقط الإمكانات الهائلة التي ستتوفر إذا تعاون مجلس التعاون الخليجي وإيران اقتصاديا، حتى إذا نظرت إلى ذلك من هذا المنظور، وأيضا تأثير ذلك على الأمن الإقليمي حين يكون لدينا حوار جدي وصادق بشأن مختلف القضايا في المنطقة التي يمكن احتواؤها بواسطة تعاون كل تلك الدول".
وردا على سؤال عن مبدأ حل الدولتين، وما إذا كان من الممكن أن يكون حلا سياسيا اليوم، ومن الذي سيمثل الفلسطينيين؟ وهل يمكن لحركة حماس أن تلعب أي دور في ذلك؟، قال معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، إن هناك مشاكل متعددة، منها أن التفاوض على الحل ليس حلا، ودائما في أي صراع حول العالم، يتم وضع الحل ومن ثم التفاوض على كيفية تنفيذه.
وأضاف: "المشكلة التي واجهناها بعد أوسلو، كانت كيف نتفاوض على حل، وهو أمر لم يوصلنا إلى النهاية. وبالتالي، الجميع يعلم الآن أن الحل يكمن في بناء دولتين على حدود عام 1967، وهناك بالطبع بعض القضايا العالقة في التنفيذ لا يمكنهم معالجتها، لكن يجب أن يكون هناك إطار زمني محدد، ويجب أن يكون لا رجعة فيه، حتى لا نبقى بمثابة رهائن لانتخابات هنا أو انتخابات هناك يمكن أن تغير رؤيتهم للصورة".
وأوضح معاليه أن هناك حاجة إلى شيء ما يجعل الحل ملزما لأي طرف سيأتي إلى السلطة في إسرائيل.. مبينا أن بعض المسؤولين الإسرائيليين، وخاصة بعد السابع من أكتوبر، يزعمون أنهم يسعون إلى السلام وأن العرب لا يريدون الحل.
وأضاف: "لكن إذا رجعنا إلى التاريخ، وأعتقد أن أي شخص يمكنه البحث عن ذلك، فإن العرب هم الذين جاؤوا بحلول ومقترحات، ولم يقبل بواحد منها من قبل الإسرائيليين، ولم يقبلوا حتى بالحديث عنها. لذا نحن بحاجة لأن نرى اعترافا من قبل المجتمع الدولي بأنه لا يمكننا ترك ذلك ببساطة في أيدي الإسرائيليين".
وفيما يتعلق بالانقسام الفلسطيني، قال معاليه: "جميعنا نعلم أنه كان هناك انقساما، وأن السلطة الفلسطينية تواجه الكثير من التحديات، لكننا لم نسأل أنفسنا أبدا لماذا حدثت هذه التحديات في المقام الأول؟ ما هو السبب وراء ذلك؟ من الذي جعلهم مشلولين وغير ممكنين من الحكم فعليا هناك؟ السلطة الفلسطينية لا تحكم على نحو فعلي، كل شيء تسيطر عليه إسرائيل في الضفة الغربية إنهم يدخلون ويخرجون منها وببساطة يهيمنون عليها، إنهم يهيمنون ببساطة عليها بدءا من الناحية الأمنية مرورا ببناء مستوطنات جديدة هناك، ونحن نرى كل هذه الأشياء تزيد من تعقيد أي أمل للحل".
كما أكد معاليه أن حركة /حماس/، وبغض النظر عن أي اختلافات، فإنها جزء من النظام السياسي الفلسطيني، والشعب الفلسطيني هو الوحيد الذي لديه الخيار لجعلها جزءا من الحل أو عدم ذلك.. مضيفا: "إنه ليس خيارنا وليس خيار الإسرائيليين أو خيار أي شخص آخر. في النهاية، نحن دائما نقول إنه إذا كان هناك اختلاف وعدم اتفاق في الأيديولوجية، بالطبع أعني السلوك شيء آخر، عليك أن تحلها بفكرة أفضل، والفكرة الأفضل هي أن تعيد مبدأ حل الدولتين مرة أخرى على الطاولة، ونحن نرى اعترافا متزايدا الآن من قبل الكثير من شركائنا عالميا، وبالطبع نسمع الكثير من الولايات المتحدة الآن بشأن ضرورة عودة هذا المسار مجددا في أقرب وقت ممكن، وهذا مهم للغاية، الولايات المتحدة تلعب دورا رئيسيا ومركزيا ونعتقد أنه بإمكانهم لم شمل جميع الأطراف سويا".
وردا على سؤال عن الضمانات التي قد تحتاجها إسرائيل في حال أرادت العودة إلى المبادئ التي نص عليها اتفاق كامب ديفيد، وفي الأساس حدود 1967 ثم مبدأ حل الدولتين، قال معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية: "أعتقد أننا كعرب حين نتقدم بمقترح مبادرة السلام العربية، تلك المبادرة توفر أفضل الضمانات لإسرائيل مقابل إعطاء الفلسطينيين دولتهم الخاصة، العرب سيطبعون معهم ومن ثم سيكون لديهم كل شيء يمكن ترتيبه مثل الضمانات الأمنية ومثل هيكل أمني للمنطقة بأسرها من أجل ضمان عدم وجود مزيد من الحروب في هذه المنطقة".
وأضاف: "وأعتقد أننا رأينا هذه الرغبة والاستعداد من قبل جميع الدول، وأنا أتحدث عن بلادي، قطر بعد مدريد وأوسلو كانت أول دولة أحضرت البعثة التجارية الإسرائيلية، وقد أقمنا العلاقة مع إسرائيل، كنا نأمل أنه سيكون هناك مجال للمضي قدما تجاه السلام، ومنذ ذلك الحين وحتى عام 2008 حين رأينا الحرب، قررنا أن هذا لم يعد يجدي نفعا بعد، ونحن نعتقد أن عدم حل المشكلة الحقيقية وفي ظل غياب الوضوح بشأن حصول الفلسطينيين على دولتهم، فإن التطبيع وإقامة العلاقات مع إسرائيل لن يساعد في الحل، ولكنه سيسحب القضية فقط كما ذكرت إلى النسيان، وأعتقد أننا في لحظة يظهر خلالها الجميع استعداده لمد أيادي المساعدة للتوصل إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل إذا كانوا مستعدون حقا للانخراط في عملية تجعل الفلسطينيين يحصلون على دولتهم المستقلة في نهاية المطاف".
وردا على سؤال حول خطط التطوير في دولة قطر، قال معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، إن دولة قطر استثمرت على مدار العقدين الماضيين في مجالي البنية التحتية والطاقة.
وأضاف: "حوالي 200 مليار دولار تم استثمارها في مجال البنية التحتية خلال العشر سنوات الماضية فقط. نجحنا في بناء أبطال على المستوى الوطني، لدينا واحد من أفضل 10 صناديق ثروة سيادية، وأفضل خطوط جوية في العالم، ونموذج أعمال طاقة رائد في مجال الإمداد بالغاز الطبيعي المسال".
وأشار معاليه إلى أن الحكومة تبحث في كيفية الاستفادة من كل ما تم بناؤه، ودورها ينتقل من التطوير إلى التمكين، وهو تمكين القطاع الخاص من تولي دور قيادي.. مضيفا: "في العام المقبل سنكون مركزين للغاية على إصلاح سياساتنا وتغيير بعض لوائحنا لرفع الحواجز عن الشركات، ونحن نخصص مليارات لتحفيز القطاع الخاص وتمكينه من أجل أن يتسنى له قيادة النمو، نحن نريد خلق قوة عاملة مؤهلة من أجل بلادنا".
وتابع معاليه: "بالطبع لقد رأينا التشويق حاضرا في مختلف القطاعات، وأحد الأمثلة في قطاع السياحة، حين ترى الإمكانات في 2022 خلال بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، لقد قمنا بالترحيب بنحو 1.6 مليون شخص، وهذا العام وصلنا إلى 4 ملايين شخص، وهو ما يظهر النمو والإمكانات المتاحة في الدولة. بالطبع، توسعة حقل الشمال ستمثل 40 بالمئة من الإمدادات الإضافية من الغاز الطبيعي المسال في العالم بحلول عام 2029".
وفيما يتعلق بسياسة دولة قطر الخارجية ودورها في السلام والأمن العالمي، قال معاليه إن الوساطة عنصر أساسي في سياسة قطر الخارجية، وهي جزء من دستورها.. مضيفا "نحن نؤمن دائما بأن ذلك حيوي لنا للغاية كدولة صغيرة، إنه يمنحك المرونة للمضي قدما على نحو أسرع، ويساعدك في إقامة علاقات جيدة مع الجميع، ونحن نرى أن هذه هي مساهمتنا تجاه السلام والأمن العالمي".
وتابع معاليه: "دائما ما كان حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى واضحا بشأن ذلك، وكما يقولون /الأعمال الصالحة لا تمر دون عقاب/، مهما تعرضنا للانتقاد أو التدقيق، في بعض الأوقات لأننا نحافظ على كل هذه العلاقات مع الجميع، إذا كان سينتهي بها المطاف لإنقاذ حياة واحدة، فهي تستحق ذلك، وهذا هو المبدأ الذي نعمل به. وأنت تسمع في بعض الأحيان بعض الساسة يحاولون تحقيق بعض النصر السياسي هنا أو هناك عبر الخوص في الدور الذي تقوم به قطر، ولكن كما تعلم في نهاية المطاف أفعالنا هي التي تثبت، وقد أثبتنا خلال الصراعات، ليس في المنطقة فحسب، بل خارج المنطقة أيضا، سواء في أوكرانيا، أو فنزويلا، أو تشاد، أو جيبوتي وإريتريا، وفي غزة مؤخرا مع الرهائن وما أدى إلى الإفراج عن 109 من الرهائن كانت المفاوضات وليس العمليات العسكرية. هذا يظهر مدى قوة المفاوضات".