حذّرت دولة قطر من أن مئات الآلاف من الأطفال في رفح يواجهون خطر الإبادة الذي يلوح في الأفق، وأن هناك آلاف آخرون يتضوّرون جوعاً حتى الموت في شمال قطاع غزة، ودعت مجلس حقوق الإنسان، إلى الوقوف بحزم وقوة ضد الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي الإنساني والعقاب الجماعي للسكان المدنيين الفلسطينيين الذين يعيشون "جحيما على الأرض"، في ظل نظام فصل عنصري حتى قبل 7 أكتوبر بوقت طويل.
جاء ذلك في كلمة سعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر وزير الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية، أمام الجزء الرفيع المستوى لمجلس حقوق الإنسان، بجنيف اليوم.
وطالبت سعادتها بالوقف الفوري لإطلاق النار والأعمال العدائية في غزة، وتسليط الضوء على "فشل مجلس الأمن مؤخرًا في تمرير قرار لوقف إطلاق النار - وهو الثالث منذ 7 أكتوبر والخامس والأربعون في تاريخه الحديث"، مشيرة إلى أنه "حتى القرارات التي تم تبنيها، بما في ذلك القرار الأخير رقم 2720 الذي يطالب بإيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى المدنيين في غزة، قد تم تجاهلها إلى حد كبير من قبل إسرائيل".
وتساءلت سعادتها "عما إذا كنا نطبق مبادئ حقوق الإنسان على الجميع"، في الوقت الذي نحتفل فيه بالذكرى الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وقالت إن هناك إدانة متزايدة في جميع أنحاء العالم لتطبيق مبادئ حقوق الإنسان على البعض دون الآخرين، وأن بعض الناس يُنظر إليهم على أنهم يستحقون الحماية والحرية وتقرير المصير، لكن آخرين لا يستحقون ذلك".
واعتبرت سعادتها أن ما يحدث اليوم في غزة لا يعدو كونه حرب إبادة جماعية. وأشارت إلى الاحصائيات الكبيرة للوفيات والأوضاع الكارثية على الأرض والحقائق المأساوية والصور المروعة العالقة في الذاكرة. لافتة في هذا الصدد إلى الطفلة الفلسطينية "دارين" التي فقدت أكثر من 50 فردًا من عائلتها بين عشية وضحاها بسبب غارة جوية إسرائيلية، والطفل "أحمد" الذي كان يطمح منذ فترة طويلة أن يكون مدافعاً عن حقوق الإنسان، ثم رأى العالم من حوله ينهار ويفقد الثقة في تطبيق مبادئ حقوق الإنسان بعدالة.
ولفتت سعادتها إلى أنه بينما ينصب تركيز العالم على غزة، فإن الوضع في الضفة الغربية يتدهور بسرعة. وذكرت أنه " حتى قبل 7 أكتوبر، كان عام 2023 هو العام الأكثر دموية بالنسبة للمدنيين في الضفة الغربية حيث بدأ مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الإبلاغ عن الضحايا منذ العام 2005، والآن، كثفت إسرائيل هجومها العسكري ما أدى إلى مقتل ما يقرب من 400 شخص. كما واصلت توسيع مستوطناتها غير القانونية، ما نتج عنه تهجير أكثر من 3300 شخص قسراً في العام الماضي وهدم أكثر من 1000 مبنى."
وقالت سعادتها، إن دولة قطر تجدد ـ مع اقتراب شهر رمضان المبارك ـ إدانتها للاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى والاعتداءات على المصلين، التي تزايدت خلال السنوات الماضية خاصة في الشهر الفضيل. مشيرة إلى أن أعمال العنف الشنيعة هذه تشكل استفزازًا لأكثر من ملياري مسلم حول العالم، وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.
وأكدت سعادتها " يجب علينا ألا نهمل التذكير ببعض الأزمات الإنسانية الأشد خطورة في جميع أنحاء العالم ومن ثم معالجتها".
وأشارت في هذا الصدد إلى مقتل ما يقرب من 14 ألف شخص، وتشريد أكثر من 8 ملايين شخص في السودان. وأوضحت أن هذا الوضع تسبب في انتشار العنف والفظائع والنزوح الجماعي، مما أثر بشكل خاص على النساء، حيث تواجه أكثر من 4 ملايين امرأة خطر العنف القائم على نوع الجنس.
وقالت إن أزمة السودان تؤكد الحاجة الملحة إلى استجابة دولية منسقة وحل سياسي فوري لمنع المزيد من زعزعة الاستقرار على المستويين الداخلي والإقليمي.
وبشأن بسوريا، جددت سعادتها دعوة دولة قطر إلى بذل جهود موحدة لمعالجة الأزمة، التي لا تزال تشكل أكبر تحد للنزوح في العالم، مشيرة إلى نزوح أكثر من 12 مليون سوري. وأكدت ضرورة أن تشمل تلك الجهود إنهاء معاناة الشعب السوري، وتحقيق تطلعاته المشروعة، وتيسير العودة الآمنة والكريمة للاجئين السوريين، والحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها، مشيرة إلى أنه على الرغم من الجهود الدولية المختلفة فإن محنة الشعب السوري لا تزال تشكل مصدر قلق بالغ.
ولفتت سعادتها إلى الانتهاكات والفظائع المستمرة ضد "الروهينجا" حيث يعيش أكثر من مليون لاجئ في مخيمات مكتظة، وما زال أكثر من 600 ألف يواجهون الاضطهاد في إقليم راخين، والحرمان من الحصول على الغذاء الكافي والرعاية الصحية والتعليم. وشددت " لقد حان الوقت للمجتمع الدولي أن يحشد قواه، ويضمن تحقيق العدالة، وحماية "الروهينجا" من عقود التمييز والقمع التي واجهوها".
وجددت وزير الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية، في ختام الكلمة، التأكيد على حرص دولة قطر على التعاون المستمر مع مجلس حقوق الإنسان. معربة عن طموح دولة قطر إلى تمديد عضويتها في المجلس للفترة من 2025 - 2027، مؤكدة في الوقت ذاته حرص دولة قطر على مواصلة دورها في دعم وحماية مبادئ حقوق الإنسان للجميع.